3 -
تاريخ
مصر: أ-
مصر فيما قبل التاريخ :
قامت
في مصر في عصور ما قبل التاريخ عدة ثقافات متنوعة من عام 5000 ق. م.
تقريباً إلى زمن قيام الاسرة الأولى أو حوالي سنة 3200 ق.م. وكانت مراكز
هذه الثقافات أو الحضارات في الفيوم ومر مدة بني سلامة ودير تاسا والعمري
بالقرب من حلوان والبداري والعمرة وجزرة والمعادي.
وقد
ابتدعت الكتابة المصرية القديمة وتقدمت خطوات عظيمة قبل زمن الاسرات.
وبدأت الكتابة الهيروغليفية بالصور التي كانت تستخدم أولاً لتمثل الأشياء
التي يتناولها الانسان أو الاعمال التي يقوم بها. ثم استخدمت فيما بعد
لتمثل المقاطع، وفي النهاية استخدمت هذه الكتابة لتمثل اصوات مفردة أو
الابجدية الأولى وقد استمرت هذه الثلاثة الأنواع من الكتابة في مصر القديمة
جنباً إلى جنب مدة تزيد على الثلاثة الآلاف سنة. وفي عام 1905 اكتشف
العالم الاثري فلندرزبيتري بعض النقوش السامية في سرابية الخادم في سيناء
وقد استخدمت هذه النقوش السامية علامات استعارتها من الهيروغليفية المصرية.
فهذه الابجدية اسينائية حلقة بين الحروف الهيروغليفية المصرية القديمة
وابجديات العالم الحديث.
وفي
أثناء هذه العصور السحقية ابتدع المصريون التقويم الشمسي الذي أصبح
معمولاً به رسمياً في عصر الملك زوسر في الاسرة الثالثة وربما فعل ذلك
بناءً على اشارة وزيرة امحوتب.
ب -
عصر الاسرات الاول:
من
حوالي عام 3200 - عام 2780 ق.م. فقد وجد كاهن مصري يدعى مانيثو حوالي عام
280 ق.م . عني بتأليف تاريخ رسمي لمصر ومع أن هذا التاريخ فقد إلا أن
مقتطفات منه حفظت لنا في التواريخ التي كتبها يوسيفوس وافريكانوس
ويوسيبيوسوس وغيرهم. وقد جمع مانيثو ملوك مصر قديماً في ثلاثين من الاسرات
بدأت بالاسرة الأولى وانتهت بفتح الاسكندر لمصر في عام 332 ق. م.
أما
عصر الاسرات المبكر فيشمل الاسرتين الأولى والثانية وقد وجدت بعض اثار ذلك
الزمن في مقابر سقارة ونقادة ومنفيس وحلوان والفيوم وفي الهياكل في
ابيدوس.
وأول
ملوك الاسرة الأولى هو مينا أو نارمر وهو الذي وّحد مصر العليا ومصر
السفلى ووضعهما تحت سلطة حكومة مركزية واحدة كاملة التنظيم.
جـ
الدولة القديمة:
من
حوالي عام 2780 - عم 2280 ق.م. ويشمل هذا الزمن الاسرات الثالثة والرابعة
والخامسة والسادسة المتضمنة في سجلات مانيثو. زكانت عاصمة هذه المملكة
منفيس. ويعرف زوسر بأنه أول ملوك الاسرة الثالثة ومنشؤها وقد عاش حوالي
2780 - 2761 ق.م. وهو يعرف بهرمه المدرج وبالهيكل الجنائزي الذي بناه في
سقارة إلى جوار الهرم المدرج، وقد وضع تصميم هذه الأبنية العظيمة طبيبة
ومهندسة ووزيرة امجرتب.
أما
الاسرة الرابعة (حوالي عام 2680 - 2560 ق. م.) فقد وصلت إلى ذروة المجد في
التاريخ المصري القديم،
وقد حفظت لنا سجلات سنفرو أول ملوكها في حجر بالرمو وقد قام ببماء هرمين
في دهشور.
وقد
بنى ثلاثة ملوك من الاسرة الرابعة اهرامات عظيمة وهؤلاء الملوك هم خوفو
وخفرع وميكرينوس. واهراماتهم الثلاثة هي اهرامات الجيزة الشهيرة.
د -
فترة الانحلال الأولى:
(حوالي عام 2280 - 2052 ق.م.) وقد حكم أثناء الاسرات السابعة والثامنة
والتاسعة والعاشرة ملوك لم تكن لهم أهمية تذكر وقد حكموا في منفيس وطيبة
وهيراكليوبوليس.
هـ -
الدولة الوسيطة:
(حوالي عام 2134 - 1778) وقد وّحد منتوجوتب الأول (حوالي 2079 - 2061) مصر
العليا ومصر السفلى معاً، ومهد الطريق لقيام الدولة الوسيطة التي شملت
الاسرتين الحادية عشر والثانية عشر.
وفي أثناء حكم الاسرة الثانية عشرة (حوالي 1991 - 1778 ق.م.) فتحت مناجم
جديدة وأكبر حجماً من أي عصر سابق لذلك العصر في شبه جزيرة سيناء وفي
فلسطين وصل فيها إلى شكيم. وقد وجد نقش في مقبرة خنوم - حوتب أحد أشراف
الاسرة الثانية عشرة، في بني حسن وبصور النقش الاسيويين يدخلون مصر لكي
يحصلوا على الطعام. ويحتمل أن ابراهيم زار مصر لكي يحصل على الطعام خلال
ذلك العصر (تك 12: 10 - 20).
و-
فترة الانحلال الثانية:
(حوالي عام 1778 - 1567 ق.م.) هذا هو عصر الانحلال الثاني وقد شمل الاسرات
الثالثة عشرة إلى السابعة عشرة وفيه جاء الهكسوس "الملوك الرعاة" أو ربما
"ملوك بلاد اجنبية" هؤلاء كانوا على الأغلب سامين غزوا مصر من آسيا، وربما
ارتفع يوسف إلى مكانته المرموقة في مصر في زمن هؤلاء الملوك (تك: 41: 14 -
45). وكانت جاسان حيث سكن يعقوب واسرته (تك 47: 27)
بالقرب من افارس عاصمة الهكسوس في الدلتا.
ز-
الدولة الحديثة:
(حوالي عام 1567-1085 ق.م.) وقد اشتملت هذه الفترة على الأسرات الثامنة عشر
والتاسعة عشر والعشرين. وكان أو ل ملوك الأسرة الثامنة عشرة احمس الأول
(حوالي 1570-1546) وهو أصلاً أمير طيبة وقد طرد الهكسوس من مصر. وقد ظن
بعضهم أنه هو الملك الجديد الذي لم يكن يعرف يوسف (خر 1:
وإذا افترضنا
أن تاريخ الخروج هو القرن الخامس عشر فيكون تحتمس الثالث هو
فرعون الذي فرّمنه موسى (خر 2: 15) وقد خلفه على العرش امنحوتب الثاني (حوالي
1436-1411) الذي واصل غزوات أبيه في فلسطين وفي سوريا. وقد كان فرعون
الخروج بحسب مانيثو هو امنوفس، وهذا هو الاسم اليوناني لامنحوتب. وإذا
نظرنا في 1 ملو 6: 1 بأن الخروج حدث قبل بناء هيكل سليمان بمدة 48 سنة
وقارناه بما جاء في قضاة 11 26 (ثلاثمائة سنة من الفتح قبل يفتاح) يبدو لنا
الخروج حدث في منتصف القرن الخامس عشر أو حوالي الزمن الذي حكم فيه
امنحوتب الثاني. وقد اكتشف عام 1943 في منفيس نصب تذكاري كان قد أقامه وفيه
يذكر أنه أسر 3600 عبيرو أثناء غزوة قام بها في فلسطين وقد ظن بعضهم أن في
هذا دليلاً على أن الخروج وقع قبل ذلك ولكن يجب ألا يغيب عن الذهن أن كلمة
"عبيرو" مع أنها قريبة من كلمة عبرانيين إلا أنها تستعمل بكيفية أكثر
اتساعاً وأكثر شمولاً من كلمة عبرانيين.
وبعد
تحتمس الرابع وامنحوتب الثالث ارتقى عرش ابنه امنحوتب الرابع (حوالي عام
1370-1353) فهجر طيبة وبنى عاصمة جديدة سماها اخت-اتون ومكانها اليوم يعرف
باسم "تل العمارنة" في مصر الوسطى وقد قام هو وزوجته هليوبوليس ديناً له
وهجر عبادة آمون في طيبة وغيّر اسمه إلى اخناتون ومن ثم قام نزاع بينه وبين
كهنة آمون في طيبة وبينما كان منشغلاً في إصلاحاته الدينية بدأت
الإمبراطورية تفقد ممتلكاتها في فلسطين وسوريا الواحدة بعد الأخرى وقد كان
موت اخناتون الضربة القاضية التي قضت على كل إصلاحاته الدينية.
وقد
اكتشفت مراسلات امنحوتب الثالث وابنه اممنحوتب الرابع أو اخناتوت الدولية.
اكتشفت عام 1887 في تل العمارنة وقد كانت تلك السجلات في شكل لوحات فخارية
كتب معظمها بالخط الأكادي المسماري وتذكر هذه اللوحات "الحبيرو" الذين
أحدثوا اضطراباً في فلسطين وسوريا. ويرّجح أن في اسمهم كثيراً من الشبه مع
اسم العبرانيين وقد اعتقد البعض أن العصيان والاضطراب اللذان أحدثهما
الحبيرو يتصلان صلة وثيقة بالفتوحات التي قام بها العبرانيون فيفلسطين
وبذلك يؤيدون النظرية القائلة بأن الخروج حدث في القرن قبل الميلاد. على أن
نشاط "الحبيرو" كان أوسع مدى واتساعاً من ميدان نشاط العبرانيين.
أما
ثاني الفراعنة الذين خلفوا اخناتون فهو زوج ابنته توتعنخ آتون الذي اضطر
إلى ترك عبادة آتون وإلى تغيير اسمه إلى توت عنخ آمون ومعناه "آمون جميل في
الحياة" وقد زعم على ترك المدينة الملكية أخت-آتون وأن يعيد البلاط الملكي
إلى طيبة. وقد اكتشفت مقبرته في سنة 1922 اكتشفها العالم الأثري هاورد
كارتر ووجدت زاخرة بالأثاث الجنائزي.
أما
رمسيس من الأسرة التاسعة عشر الثاني الذي حكم حوالي 1223-1290 ق.م. وهو من
أشهر فراعنة مصر قديماً فقد قاد معركة بالقرب من قاديش ضد الحثيين
وحلفاءهم فقهرهم وتعقبهم إلى نهر العاصي. وأخيراً في السنة الحادية
والعشرين من ملكه انتهت الحرب بين المصريين والحثيين وعقدت معاهدة صلع بين
رمسيس الثاني وحتوسلس ملك الحثيين. وبموجب هذه المعاهدة احتفظت مصر بفلسطين
والجزء الجنوبي من سوريا. ويظن كثيرون أن البناء العظيم هو فرعون الذي بنى
له العبرانيون المدينة المسماة باسمه رعمسيس (خر 1: 11) وقد وردت في
السجلات التي تركها أنه استخدم عبيداً من "العبيرو" في مشاريع البناء التي
قام بها. وعلى أساس تاريخ تخريب بعض المدن في فلسطين يتجه البعض إلى تحديد
تاريخ الخروج في أثناء حكمه وفي أوائل القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
ويظن آخرون أن فرعون الخروج هو منفتاح ابن رمسيس الثاني وقد حكم منفتاح
حوالي 1211-1223 ق.م. وهذا التاريخ شبيه بالتاريخ الذي تقدمه في أن الخروج
حدث في زمن آمون حوتب الثاني وكلاهما يتفقان مع ما جاء في خروج 2: 32 في
هذا الأمر- وهو أن فرعون الذي أراد أن يقتل موسى حكم وقتاً طويلاً ومات بعد
أن بقي موسى في البرية قرابة أربعين سنة. وقد سجل منفتاح انتصاراته في
فلسطين في نصب تذكاري. وفي هذا النصب التذكاري ذكر بني إسرائيل وهذه المرة
الوحيدة التي نجد فيها ذكرهم في أي من النقوش المصرية القديمة ويقول: "لقد
أخربت إسرائيل وانمحت ذريته فلا وجود له" ولا بد أن الخروج حدث قبل تاريخ
هذا النصب التذكاري أي قبل 1220 ق.م.
وقد
ورد نقوش رمسيس الثالث من الأسرة العشرين، والذي حكم حوالي سنة 1160-1192
سجلات على جدران هيكل مدينة حابو أنه رد شعوب البحر الهاجر من الشمال على
أعقابهم، ومن بينهم كان شعب بلسطي أو الفلسطينيين الذين ورد ذكرهم في
الكتاب المقدس. ولم يستطع هؤلاء الفلسطينيون إلا أن يستقروا في بعض المدن
الساحلية في فلسطين مثل غزّة واشقلون واشدود وعقرون وجتّ.
ح- عصر الأسرات المتأخرة (حوالي 332-1085 ق.م.)
ويشمل
هذا العصر من الأسرة الحادية والعشرين إلى الأسرة الثلاثين أو إلى أن فتح
الاسكندر الكبر مصر. وفي أثناء حكم الأسرة الحادية والعشرين (945-1085)
كانت العاصمة هي تانيس وكان فرعون الذي آوى هدد الادومي (1 ملوك 11: 18)
امنوبي أو سيمون في الأسرة الحادية والعشرين. وكان فرعون الذي أعطى ابنته
وزوجة لسليمان (1 ملوك 3 1) هو سيمون أو بسوسنس والتبوت الفضي الذي دفن فيه
بالقرب من تانيس.
أما
فراعنة الأسرة الثانية والعشرين فقد كانوا من أصل ليبي وكانت بوبسطس (تل
بسطا) فقد لجأ يربعام ابن نباط إلى شيشق ملك مصر (1 ملوك 11: 40) وقد تمرد
يربعام على سليمان فآواه شيشق الذي حكم حوالي 924-945 ق.م. وهو أول ملوك
هذه الأسرة. ثم أن شيشق غزا أورشليم فيما بعد وأخذ منها الكنوز في أثناء
حكم رحبعام (1 ملو 14: 25 و 26 و 2 اخبار 12: 2-9) ويوجد نقش على الجزء
الخارجي من الحائط الجنوبي لهيكل آمون في الكرنك يصور هذه الجملة التي قام
بها شيشق ويذكر المدن التي غزاها. ويرّجح أن زارح كورشي الذي غزا يهوذا
وهزمه آسا (2 اخبار 14: 9-15 و 16:
كان أحد القواد اوسركون الأول
(895-924) وقد أقام الكوشيون في أثناء في أثناء الأسرة الثانية والعشرين
والثالثة والعشرين والرابعة والعشرين مملكة مستقلة لهم وكانت عاصمتهم مدينة
نباتا وأخذوا يفتحون طريقاً لهم إلى مصر. ولذا فإن سوا الذي أرسل إليه
هوشع سفارات (2 ملو 17: 4) ربما كان اوسركون الرابع (727-617 ق.م.) في
الأسرة الثالثة و العشرين أو سايس عاصمة الدلتا في ذلك الحين ثم تمكن
الكوشيون من التغلب على كل من البلاد و أسسوا الأسرة الخامسة و العشرين
(217-366 ق.م.) وكانت آشور في الحين هي الدولة القوية والتي تزداد قوة في
الشرق الأوسط القديم. وقد حذر الآشوريين الذين كانوا يحاصرون أورشليم الملك
حزقيا ضد الاعتماد على ترهاقة (2 ملوك 19: 8-13). واسمه في اللغة المصرية
تهارقة أو يرّجح أنه كان حينئذ قائد جيش ثم أصبح فما بعد أحد الفراعنة
الخامسة والعشرين أو الأسرة الكوشية وقد هزم الآشوريون ترهاقة عدة مرات ثم
استولوا في النهاية على طيبة في سنة 662 ق.م. (ناحوم 3: 8-10) وفي الأسرة
السادسة والعشرين (366-525 ق.م.) كانت العاصمة سايس وقد انتعشت قوة مصر وقد
نشطت في أحياء الفن والأدب القديمين وقد زحف نخو الثاني (610-595 ق.م.) في
فلسطين محاولاً إغاثة آشور ضد مملكة
بابل الناشئة، فاعترض هوشيا ملك يهوذا طريقه في مجدو فهزم يوشيا وقتل (2 ملو
23: 29-30) وخلع نخو فرعون مصر يهواحاز خليفة يوشيا وأقام بدلا عنه
يهوياقيم على عرش يهوذا وفرض عليه الجزية (2 ملو 23: 33-35). وقد وجد في
سقارة في عام 1942 مكتوب آرامي مرسل من أحد ملوك المدن في فلسطين إلى نخو
ويذكر له فيه تقدم البابليين في جنوب فلسطين وقد ورد وصف هذا التقدم في 1
ملوك 24: 1-17 و 2 اخبار 36: 6-10. وقد جاء فرعون هفرع الذي يدعوه اليونان
ايريس (589-570 ق.م.) إلى معونة صدقيا الذي كان يحاصره البابليون في
أورشليم (حز 17: 11-21 و ار 37: 5). وقد رفع نبوخذ نصر الحصار إلى حين حتى
يرد هفرع (ار 37: 7 و 11). وفي النهاية قتل هفرع، قتله شريكه في الحكم احمس
الثاني وفقاً لنبوة ارميا 44: 30 وفي أثناء حكم احمس الثاني (570-526
ق.م.) تقدم نبوخذ نصر زاحفاً عليها كما تنبأ ارميا (ص 34: 10-13 و46:
13-26).
وفي
سنة 525 ق.م. غزا مصر جيش فارسي بقيادة قمبيز وأسس ملوك الفرس الأسرة
السابعة والعشرين إلى أن فتح الاسكندر البلاد وقام الحكام المصريون الذين
ثاروا على الفرس في أواخر ذلك العصر بتأسيس الأسرات الثامنة والعشرين
والثلاثين. وورد في بردي من القرن الخامس قبل الميلاد وكانت تمتلكه الجماعة
اليهودية التي كانت تقطن جزيرة الفتيني بالقرب من أسوان، ذكر بعض شخصيات
الكتاب المقدس مثل يوحانان الكاهن (نح 12: 22 و 23) وأبناء سنبلط (نح 2:
10) وعناني وربما كان هو الذي جاء ذكره في 1 اخبار 3: 24. وتدل هذه
الكتابات على أن اليهود الذين كانوا في هذه المدينة التي تقع على الحدود
كانوا من ضمن حرس الفرس تحت قيادة الحاكم الفارسي وكان لهم هيكلهم وقد
قاموا بممارسة أعيادهم وبخاصة عيد الفصح وفقاً لتعليمات رئيس الكهنة في
أورشليم. ويشير وعاء فضي اكتشف في تل المسخوطة إلى قينوبن جشم (نح 2: 19).
ويظهر منه أن جشم كان ملكاً عربياً لقبيلة قيدّار وكان على قيادة حرس حدود
مصر الشرقية من قبل الفرس.
ط- الاسكندر الأكبر والبطالسة (332-30 ق.م.)
عندما
وصل الاسكندر بجيشه إلى مصر نادى به الشعب محرّراً لهم من حكم الفرس وحال
وصوله ذهب تواً إلى منفيس وقدم الذبائح للعجل ابيس واستقبله الكاهن كما
يستقبل فرعون وعندما عاد إلى الشاطئ وضع أسس مدينة الاسكندرية.
ولما
مات الاسكندر في بابل عام 323 ق.م. قسّمت امبراطوريته على قراده فأخذ
بطليموس الأول مصر وأسس أسرة البطالسة التي حكمت مصر إلى أن استولى عليها
الرومان. وقد أسس بطليموس الأول مكتبة الإسكندرية الشهيرة التي أصبحت فيها
فيما بعد مركزاً مرموقاً للثقافة اليونانية. ويشير دانيال ص 11 إلى كثير من
البطالسة حتى زمن بطليموس السادس (180-145 ق.م.) ويلقبهم "ملوك الجنوب"
ويصف بنوع خاص حربهم ضد السكوليين. وتذكر كتب الابوكريفا عدداً من
البطالسة، مثلاً بطليموس الرابع (3 مكابيين 1: 1). وفي
الأسفار القانونية الثانية يوجد السادس (1 مكابيين 1: 18) والسابع (1
مكابيين 15: 16) والثامن (الإضافات إلى استير 11: 1) وقد اكتشف نصب تذكاري
أقامه بطليموس الخامس (203-181 ق.م.) مكتوب باللغة الهيروغليفية واللغة
الديموطيقية واللغة اليونانية. وهذا النصب هو الذي عرف باسم حجر رشيد وقد
فك رموزه العالم الأثري الفرنسي تشامبليون فأصبح مفتاحاً للغة المصرية
القديمة وقد نشر أبحاثه في فك هذه الرموز عام 1822.
وكانت
آخر البطالسة الملكة كليوباترا وقد جاء يوليوس قيصر الروماني إلى مصر في
زمن حكمها في عام 48 ق.م. ثم من بعده جاء ماركوس انطونيوس وقد حاولت
كليوباترا بإغرائها وإغوائها هذين القائلين الرومانيين أن تحتفظ بعرش مصر
لنفسها ولكن هزم اوكتافيوس أسطول انطونيوس وكليوباترا في معركة اكتيوم
البحرية عام 30 ق.م. ورفض أن ينصاع إلى إغواء كليوباترا وإغرائها فما كان
منها إلاّ أن قضت على حياتها بيدها وأصبحت مصر إقليماً رومانياً.
ي-
مصر في زمن حكم الرومان وفي أزمنة العهد الجديد.
يخبرنا
متى ص 2: 13-15 بأن العائلة المقدسة هربت إلى مصر لكي ينجو بالصبي يسوع من
فتك هيرودس به، ويقال أنهم استراحوا تحت شجرة في هليوبوليس، ويقول التقليد
أنهم سكنوا مصر القديمة وتذكاراً لمقامهم هناك أقيم مذبح في سرداب يرى إلى
اليوم في كنيسة أبو سرجة أو القديس سرجيوس. ويرّجح أن هذا هو المكان الذي
أقامت فيه العائلة المقدسة لأن الجماعة اليهودية في القاهرة كانت تقيم في
هذا المكان. ويقول التقليد في الكنيسة المصرية بأنهم زاروا مصر العليا
ووصلوا إلى درنكة بالقرب من أسيوط. ويذكر الكتاب المقدس عدداً من مثلي
الجماعة اليهودية في الاسكندرية ومنهم من زار أورشليم في يوم الخمسين (اع
2: 10) ومنهم من قاوموا استفانوس (اع 6: 9) وكان أبولس العالم الفصيح من
تلك الجماعة (اع 18: 24-28). وكان منهم ثائر ظهر في أورشليم (اع 21: 38).
ويقول تقليد قديم مشهور بأن يوحنا مرقس نادى ببشارة الإنجيل في الاسكندرية
وبأنه استشهد هناك. ويذكر بطاركة الكنيسة القبطية الارثوذكسية في سلسلة
ترجع إلى مرقس الرسول ويدعون بطاركة الكرازة المرقسية. ويعتقد البعض أن 1
بط 5: 13 يشير إلى مصر القديمة التي كانت تعرف باسم بابليون في اللغة
اليونانية وهي من أقدم مراكز المسيحية في مصر ولكن كثيرين يعتقدون في هذا
القول إشارة مجازية لروما.
4-
الفن
المصري: أن
كثير من فن مصر قديماً قد حفظ لنا في المقابر الاعتقاد المصريين القدماء
بأن صور الطعام والخدم والأواني والأوعية والأثاث لكل يوم من أيام الحياة
العادية يمكن أن يستخدمها الموتى. وأما فنّ العمارة والبناء فقد تميز
بالعظمة والفخامة الهائلة كما يبدو في اهرامات الدولة القديمة وكما يبدو
أيضاً في الهياكل العظمية التي يرجع عهدها إلى الدولة الحديثة. وكذا النقش
والحفر والرسم وأنواع الحلي قد وصلت إلى درجة رفيعة من الإتقان والجمال
والروعة. وقد رسم أو صور أو نحت الفنان المصري رسومه من ناحية الخاصية
البارزة في الأشياء أو من عدة نواح في آن واحد. فمثلاً أصبحت بعض الوقفات
أو الأوضاع تقليداً مصطلحاً عليه لدى الفنانين واحتفظوا بها على مدى
الثلاثة الآلاف سنة التي عاشها الفن المصري القديم. أما الفن الذي اتبع في
تل العمارنة فقد ترك هذا التقليد جانباً واضحاً نقوشه ورسومه وحفره ونحته
قريبة من الحقيقة الواقعية بعض الشيء، أما في عصر البطالسة فقد ظهر تأثير
الفن الإغريقي في تكييف الجسم البشري وإظهار حركاته وعضلاته ومعالمه
جميعها.
وربما
أثر الفن المصري القديم في فن العبرانيين في بعض المواضع فمثلاً:
(1) العجل الذهبي الذي صنعه هارون لبني إسرائيل في سيناء (خر 32) الذي ربما
كان يشبه العجل ابيس أو منفس.
(2) تصميم بعض الهياكل المصرية والمقادس المتنقلة ربما كانت شبيهة بخيمة
الاجتماع والتابوت (خر 25-27).
(3) وربما كانت تماثيل أبي الهول المجنحة المصرية تشبه الكروبيم الموضوعة
فوق التابوت (خر 25: 18-22) أو المرسومة على استار خيمة الاجتماع (خر 26:
1).
(4) وقد زين عرش توت عنخ آمون بتماثيل الأسود كما كان عرش سليمان كذلك
أيضاً (1 ملوك 10: 19 و 20).
(5) وقد ظهر صور لأسرى مقيدين بلاد عديدة عند موطئ قدمي توت عنخ آمون وهناك
صورة رمزية تشبه هذه في مز 110: 1.
(6) ويوجد تمثال لنسر تحمي جناحاه تمثال خفرع المصنوع من الجرانيت الأسود
أو الصوان وقد استخدم هذا التشبيه إشارة إلى حفظ الله وحمايته للمؤمن في مز
17: 8.